بسم الله الرحمن الرحيم
أسلوب خطبة الجمعة
الدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي
مقدمة البحث
شرع اللّه الخالق سبحانه خطبة الجمعة ، وجعلها جزءً أصيَلاَ من تشريعات
هذا الدين . شَرعَ أن تكون هذه الخطبة على المنابر . بُنيتْ من أجلها
المنابر . حَضرَ المسلمون للمسجد فلم يتخلف إِلا معذور أو محروم . أوجب اللّه على المسلمين الاستماع والإِنصات للخطيب . فمن قال لصاحبه : أنْصتْ فقد لغا ، ولا جمعة له . ومن مَسَّ الحصى فقد لغا ولا جمعة له .
وإِن شعيرة من شعائر الدين بهذه المثابة لجديرة بالنظر والدراسة والعناية
من قبل المسلمين جميعاً : خطباء ومأمومين ، وحكّاماً ومحكومين ، رؤساء
ومرءوسين . وإِذا أردنا أن نُحدّد أسلوب خطبة الجمعة ، الذي
ينبغي أن نراعيه وندعو إِليه غيرنا ، فإِن شأننا شأن أيّ مسلم يبحث عن حكم
الشرع في أي مسألة من المسائل ، إذْ المتعين عليه في هذه الحال أن يتلقى
الحكم على شرع خالقه ومالكه سبحانه لا عن سواه ، وليس معنى هذا أن لا
يستفيد المسلم في باب الوسائل ونحوها من المصادر الأخرى إِطلاقاً ، وإنما
معناه أن يأتمر بأمر الشرع ، وينتهي بنهي الشرِع ، ويسعى فيِ تحقيق مقاصد
الشرع وفْق منهج الشرع ، فإن استفاد شيئاَ أو أخذ شيئاَ من المصادر الأخرى
أو تركه فإِنما يفعل ذلك إتّباعاً لشرع اللّه عز وجلّ . وشرع اللّه كامل لا يعتريه النقص ولا التبديل : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
والمسلم لا خيار له في هذا الاتباع والخضوع ، بل هذا واجبه في الحياة .
وخطبة الجمعة واحدة من شعائر الإِسلام ، فعن الإسلام يجب أن يُؤخذ تحديد
أسلوبها وأحكامها وحكمها . ويمكن أن يدرك المرء أهمية تحديد أسلوب خطبة الجمعة من خلال إِدراكه لأهمية خطبة الجمعة ذاتها . خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية في بيت من بيوت اللّه تعالى . خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية المفروضة بأمر اللّه تعالى . خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي بُنيت من أجلها المنابر . خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي يجتمع لها المسلمون لا يتخلف عنها أحد إِلا بعذر شرعيَّ !
إن خطبة بهذه المثابة تستحق العناية والاهتمام من قبَل الإِمام الخطيب
والمأموم والجهة الرسمية الراعية لهذا القطاع على حدِّ سوَاء . بل تستحق
العناية من العلماء في مؤلفاتهم والدعاة في كتاباتهم . وأسلوب الخطبة يرتبط بأساليب الدعوة ومناهجها ؛ لأن ما يقال في ذلك يقال في أسلوب الخطبة . والكتاب والسنّة هما مَصْدر الإِسلام اللذان يَتَجّه لهما المسلم في تلقي أحكام هذا الدين